الـهُـــــــــــــــويـــــــــــة
لقد حـان الوقت كي نبدأ بـ الإرتحال داخل ذواتنـا , ولكن أولى الأسئلة
التي سأطرحها عليك ماهي هويتك التي تريد أن تستخدمها معنا في هذه الرحلة ؟
فاليوم سيكون إجابة على سؤال كبير ربما يطرحه الواحد منا على نفسه بين الحين والأخر ,
وخصوصا في هذه الأوضاع التي تمر بمجتمعاتنا العربية والهُوية الاسلامية .
فأنت قد تسأل من أنا ولأي فِكرٍ أنتمي , وأي ثقافةٍ اتبع ؟؟؟
هل افتخر بكوني عربي أو مسلم أو انتمي لمنظومة معينة من هو انا ؟؟
الهَوية : بفتح الهاء تعني المعنى البحت للبطاقة الشخصية التي تحمل اسمك , عمرك , جنسك ,
وربما دينك , ولكن تلك البطاقة ليست المُعرف الحقيقي لك ,
فأن ما تحمله هذه البطاقة هو مُجرد اسم انت الذي تصنعه ليس هو من يصنعك .
الهُوية : بضم الهاء تعني ماهية , وحقيقة , وجوهر الانســـان ( وهذا هو المعنى اللغوي ) .
فالهُوية : تعني العقل الذي تملكه فبه جُعلتَ مُستخلفاً في الارض مسوؤل عن عمارتها, ومُكلف مسؤول عن أفعالك .
فالواحد منا يُخلقُ نقياً ذا هُويةٍ فطرية والتي تعني البشرية البحتة التي تشترك فيها المفاهيم
الأساسية للبشر وتكون قائمة على المصلحة المشتركة , الرقي ,
والتطور بغض النظر عن مرجعيتك .
فالطفل منا لايعرف كلمة الأنا وليس لدية هُويةٌ واضحة , فقد ذاب بأمه لمدة عامين من عمره ,
ومن ثم تبدأ ملامح هُويته بالارتسام كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم
( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )
وهنا يأتي المفصل الحقيقي لهذا المفهوم وكيف له أن يتكون ؟؟
ومن اهم مفاهيم الهُوية :
الاستقلال , القناعة , التميز والانجاز .
الاستقلال بالذات :
فالهُوية لا تعني الذوبان وبناءها على مفاهيم الأخرين كي استطيع من خلالها الاندماج في المجتمعات الاخرى .
بالاضافة أنها لا تُبنى على الضدية والتي تعني بناء الهُوية اعتماداً على مخالفة الأطراف الأخرى
( كأن أبني هُويتي على عكس الهُوية الأمريكية أو الأسرائيلية كي أشعر بأني مستقلة
ولي الكلمة المُعارضة ) .فهي يجب أن توجد من البدء ولا تُبنى لمجرد الضدية .
فقد يسأل سائل ويقول :هل هي دين , أم أنتماء عرقِي , أم هي وطنية أم مرجعية تاريخية قبلية؟
أن الأنتماء لمنظومة شرعية , فكرية , وطنية يعني الأنتقال من الأنا الى نحنُ ,
فهذه المنظومة توجهها أفكار واحدة مبنية على أقتناع أفرادها .
ومن هنا ندخل الى مفهوم الهُوية الأسلامية واسباب ضياعها :
الأسباب :
الفقر , التخلف , الجهل المعرفي , فقدان الأعتزاز , التشدد على مظاهر الهُوية , تغريب الثقافة الأسلامية .
فلقد تم نسب العادات والتقاليد للدين , ونُسبت المفاهيم الخاطئه كالارهاب الذي يأخذ المظهر الخارجي للجهاد
دون فهم المغزى الحقيقي لذلك ,بالأضافة الى مقاومة التغيير والتمسك بالماضي
أيهاماً منا لذواتنا بأن الماضي جميل خوفاً من المستقبل الذي يحمل التحديات .
فذلك التشدد أدى الى نسيان المعنى الحقيقي للهُوية مما سبب أنفصال الشباب عن هُويتهم .
ماذا يريد الأنسان كي يُكون هُويته ولا تكون تلك الهُوية مجرد عبء او واجب يرضع له في صغره ويُجبرُ بها في كِبرهِ ؟
عليه أن يكون مقتنعاً أقتناعاً كاملاً بأن هذه الهُوية التي رسمها لنفسه تقدم له
المفهوم الإنساني النبيل , الرُقي , التطور , مراعاة مصالحُهُ البشرية ,
والاشتراك في مبدأ المصلحة المشتركة .
هل الهُوية ثابتة أم متغيرة ؟
يوجد الثابت منها :كـ الكتاب والسنة في الدين الأسلامي .
أم المتغير :
هو التغير في طريقة أدراك البشر للأمور والتعامل معها على أساس الثوابت بالأضافة الى طريقة تغير التفكير .
ومن أحد الكُتاب (الكاتب : اسمه صمويل , مسيحي ) الذي طرح سؤاله ُ عن الهُوية في كتابه
الذي سماه من نحنُ , فلقد أراد فهم ماهية الهُوية الأمريكية
وهل ما فعلتهُ أمريكا من دمج المجتمعات الأخرى تحت مفهوم العولمة ,
وتوصل في كتابه الى الأستقلال الكنيسي وبدأ بالدعوة إلى الابتعاد عن مفهوم العولمة .
وختماً :
الهُوية : هي الدين الذي ينضح منه الأجوبة التي لا يستطيع أحدٌ أجابتك عليها..بالاضافة الى البحث
عن التميز والأنجاز , وعدم الذوبان , والأقتناع التام بمبادئك التي وضعتَ بوصلتُك عليه مع الأبتعاد
عن التعصب الديني أو العرقي أو الفكري...
أتمنى الاجابة على الأسئلة المطروحة ضمن الموضوع والتعمق بالتفكير فيها.. مع تحري الصدق
( الصدق قيمة لا مبدأ ) في الاجابة كي نستطيع الرقي فالصدق مع الذات والمواجهة هي
حجر الأساس في الرقي والتطوير الذاتي ..
هذا الموضوع نُقل من دراسه اُجريت على العرب واحببت ان اوجهه من منبر منتدنا الحبيب
إلى اعضاءه الكرام...
لكم مني خالص التقدير والاحترام