مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
المؤلف: محمد بن عبدالوهاب
تفسير قوله تعالى: { قالوا فيم كنتم }
ويوضحه قوله تعالى: { قالوا فيم كنتم } ولم يقولوا: كيف عقيدتكم أو كيف فعلكم؟ بل قالوا: في أي الفريقين كنتم؟ فاعتذروا بقولهم: { كنا مستضعفين في الأرض } فلم تكذبهم الملائكة في قولهم هذا بل قالوا لهم: { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها } ويوضحه قوله: { إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا }
فهذا في غاية الوضوح فإذا كان هذا في السابقين الأولين من الصحابة فكيف بغيرهم؟
ولا يفهم هذا إلا من فهم أن أهل الدين اليوم لا يعدونه ذنبا فإذا فهمت ما أنزل الله فهما جيدا وفهمت ما عند من يدعي الدين اليوم تبين لك أمور:
منها: أن الإنسان لا يستغني عن طلب العلم فإن هذه وأمثالها لا تعرف إلا بالتنبيه فإذا كانت قد أشكلت على الصحابة قبل نزول الآية فكيف بغيرهم؟
ومنها: أنك تعرف أن الإيمان ليس كما يظنه غالب الناس اليوم بل كما قال الحسن البصري فيما روى عنه البخاري: « ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال »
نسأل الله أن يرزقنا علما نافعا ويعيذنا من علم لا ينفع
قال عمر بن عبد العزيز: يا بني ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن تعقل عن الله ثم تطيعه
ولما هاجر المسلمون إلى المدينة واجتمع المهاجرون والأنصار: شرع الله لهم الجهاد وقبل ذلك نهوا عنه وقيل لهم: { كفوا أيديكم } فأنزل الله تعالى: { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون } فبذلوا أنفسهم وأموالهم لله تعالى رضي الله عنهم فشكر الله لهم ذلك ونصرهم على من عاداهم مع قلتهم وضعفهم وكثرة عدوهم وقوته