بسم الله الرحمن الرحيم
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }[البقرة : 152]
**************
مبنى الدين على قاعدتين الذكر والشكر
قال تعالى:{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }
وقال النبي صلـى الله عليه وسلم لمعاذ رضـي الله عنه :
" والله اني لأحبك فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك "صحيح
وليس المراد بالذكر مجرد الذكر اللسان بل الذكر القلبي واللساني،
وذكره يتضمن ذكر أسمائه وصفاته ،وذكر أمره ونهيه ،وذكره بكلامه ؛
وذلك يستلزم معرفته والايمان به وبصفات كماله ونعوت جلاله والثناء
عليه بأنواع المدح وذلك لا يتم الا بتوحيده؛ فذكره الحقيقى يستلزم
ذلك كله ويستلزم ذكر نعمه وآلائه وإحسانه الى خلقه .
وأما الشكر : فهو القيام بطاعته والتقرب اليه بأنواع محابه ظاهرا وباطنا
وهذان الأمران هما جماع الدين ؛
فذكره مستلزم لمعرفته وشكره متضمن لطاعته
وهذان هما الغاية التي خلق لأجلها الجن والانس والسموات والارض ووضع لاجلها الثواب والعقاب وأنزل الكتب وارسل الرسل وهى الحق الذي به خلقت
السماوات والأرض وما بينهما وضدها هو الباطل والعبث الذي يتعالى ويتقدس عنه وهو ظن أعدائه به قال تعالى : " وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ..}[صـ : 27] .وقال :{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ [38] مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }[الدخان : 39] .وقال : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ ..} [الحجر : 85] .وقال بعد ذكر آياته في أول سورة يونس {..مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ ..} [يونس : 5]. وقال : {أيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى }[القيامة : 36] .وقال:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ }[المؤمنون : 115].وقال:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات : 56].{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً }[الطلاق : 12]. وقال:{جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[المائدة : 97].
فثبت بما ذُكر أن غاية الخلق والأمر أن:
يُذكر وأن يُشكر؛ يذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر ؛
وهو سبحانه ذاكر لمن ذكره شاكر لمن شكره ؛
فذكره سبب لذكره وشكره سبب لزيادته من فضله ؛
فالذكر للقلب واللسان ؛
والشكر للقلب محبة وإنابة وللسان ثناء وحمد وللجوارح طاعة وخدمة.
( من فوائد ابن قيّم الجوزية )
******************
اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك